كرامة الإنسان في مصر!
.. كالأبقار.. والدجاج.. والأرانب.. والنمل.
.. أصبحت دماء المصريين رخيصة، وكرامتهم بلا قيمة!
.. لماذا يهان المصري في الخليج، ويموت في العراق، وينكل به في ليبيا، ولبنان وأخيراً
السودان؟!.
.. لماذا أصبح إيذاء المصري جريمة بلا عقاب، فعلاً سهلاً بلا رد فعل؟!
.. هل لأننا طيبون، وعاطفيون، ودراويش؟، نفور كالمياه الغازية في لحظة ونهمد في
لحظة، أم لأننا أصبحنا أمة مدرارة الثديين، مترهلة الفخذين، تأكل وتقبل بأي شيء بقابلية
مفتوحة وتنام داعية ربها علي دوام النعمة؟!.
.. ما حدث بالأمس القريب في السودان ليس حدثاً، بل هو نتائج لأحداث كثيرة، وقعت في
اليمن، والسعودية، والكويت، والعراق، وليبيا، والأردن، لماذا نغضب إذن من الجزائر؟!
.. لماذا نغضب من كل هؤلاء؟!.. بالقطع العيب فينا وليس فيهم، لقد خسرنا شرفنا عندما
راهنا علي رقة الآخرين، ولم نراهن يوماً علي كرامتنا داخل أوطاننا أو خارجها!!
.. أينما تذهب في دول العالم العربي، تسمع كلاماً جارحاً، يندلق كسطل الماء الوسخ فوق
رءوسنا، عن حكايات العمالة المصرية، وما تتعرض له، ومواقف سفاراتنا المقززة
والمخزية.
.. الكلام عن مصر بوصفها الشقيقة الكبري، وقلب العالم العربي، لم يعد سوي بلاغة
لفظية، والعالم اليوم يؤمن ببلاغة غير بلاغتنا، فالكلام عن وزن مصر، لم يعد له وجود
بحد ذاته، إنما يكتسب وجوده الحقيقي من قوة مصر سياسياً، واقتصادياً، لا من ضخامة
عددها أو فخامة رئيسها، وأقدميته المطلقة بين رفاقه الحكام العرب!!
.. الأقوياء والأغنياء هم بلاغاء هذا العصر الحقيقيون، الأقوياء هم القادرون علي فرض
احترامهم علي غيرهم بغض النظر عن قواعد الحنان القومي، وتشابه فصيلة الدم، والرفق
بذوي القربي وعلاقة النسب مع السيد سيبويه.
.. ليس مهماً أبداً، ذلك التعديل الذي أدخلته وزارة الداخلية علي جواز السفر المصري،
الذي أصبح أصغر حجماً، وأخف وزناً، وأكثر صعوبة في التزوير.. فالأهم هو أن يكون
هذا الجواز أكثر هيبة، واحتراماً في عيون الآخرين، ولن يكون كذلك إلا إذا كانت للإنسان
المصري الذي يحمل هذا الجواز قيمة داخل وطنه أولاً.
.. المصري في الخارج يُعيَّر بوضعه داخل وطنه، فإذا كانوا يضربونه في وطنه أكثر مما
يطعمونه.. يهينونه إذا ذهب أو راح، إذا دخل قسم شرطة أو فرن عيش، فماذا ننتظر من
الغريب حتي ولو كان يدين بذات الدين أو ينطق نفس اللغة؟!
.. لقد تحول الإنسان في مصر، إلي نصف إنسان أو ربع إنسان، أو ثُمن إنسان، أو بقايا
إنسان! فلا قيمة للبقايا لدي الآخرين!!
.. إن مصر يضرب بها السوس من جميع جوانبها، وباتت قاب قوسين أو أدني من السقوط
بفعل الانهيار الذي أصاب معظم مناحي الحياة: التعليم، الفقر، الاستبداد، الفساد، ولم يعد
أمامنا سبيل لإنقاذ مصر وسمعة مصر وكرامة المصريين سوي أن نضرم النار في الغابة
التي نخرها السوس، وننتظر ولادة شجرة جديدة.
يامبارك أنا خائف
أخاف أن أكون قد عشت عمري في حلما مزيفا، حلم العروبة، حلم العزة و الكرامة، حلم
أن مصر هي أم الدنيا و ميلاد الحضارات أخشى أن تكون تلك الأحلام وهما صنعه أحد
علماء مصر البارعين ما يحدث من سنوات و يحدث الأن جعلني أشك في تلك القيم و تلك
الأفكار التي زرعت فينا منذ الطفولة. إنني أشعر بالإهانة و المذلة لي و لأهلي و
لإصدقائي و بلدي و أشعر أننا عاجزون عن وقف تلك الإهانات و الإساءات لم أعد قادرا
أن أعيش في نفس الحلم القديم أن مصر هي الأعظم هي الأكبر هي الأقوى هي الأعلى فقد
قرأت تاريخ أجدادي وعرفت أنهم كانوا حازمين قادرين على رد أي إهانة بشكل قاطع و
حازم حتى و إن كلفهم ذلك أرواحهم ولكن الأن أرى أن الوضع يتغير تماما فقد أصبح
الكبير و العظيم هو من لا يبلي إنتباها لأي إهانة ويعتبرها من الصغائر أنا لا أريد الحرب
التي ستحصد الكثير من أرواح أهلي و خيرات بلدي و لكنني أريد أن أرفع رأسي عاليا
كما تعودت أن أحيا أتفق معكم تماما أن الحرب ليست هي إحدى حلولنا المطروحة من
الأساس و لكن يجب أن تتفقوا معى أننا يجب أن نعثر على حل أخر يوقف هذه المهازل و
الإهانات التي يقذفها الكثيرون فوق رؤوسنا كل لحظة.
أرجوك أرجوك أرجوك إفعل أي شئ يزيل هذه الهواجس و هذا الخوف من قلوب شعب
أنت ترعاهم أثق إنك قادر و يجب أن تثق أننا فيما يخص كرامتنا فإننا رجل واحد يقف
خلفك في إسترداد كل حقوقنا.